أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة : الكسب الحلال ، للدكتور خالد بدير

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الكسب الحلال ، للدكتور خالد بدير ، بتاريخ 1 جماد أول 1444هـ ، الموافق 25 نوفمبر 2022م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 25 نوفمبر 2022م ، للدكتور خالد بدير :  الكسب الحلال :

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 25 نوفمبر 2022م ، للدكتور خالد بدير: الكسب الحلال ، بصيغة word  أضغط هنا.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 25 نوفمبر 2022م ، للدكتور خالد بدير : الكسب الحلال ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن الدروس الدينية

 

للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 25 نوفمبر 2022م ، للدكتور خالد بدير : الكسب الحلال : كما يلي:

أولًا: الحثُّ على طلبِ الحلالِ

ثانيًا: صورٌ ونماذجُ مشرقةٌ في تحرِّى أكلِ الحلالِ

ثالثًا: وجوبُ تحرِّي الحلالِ في حياتِنَا المعاصرةِ

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة  25 نوفمبر 2022م ، للدكتور خالد بدير: الكسب الحلال : كما يلي:

 

الكسبُ الحلالُ 1 جماد أول 1444هـ 25 نوفمبر 2022م

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأنَّ مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة

أولًا: الحثُّ على طلبِ الحلالِ

لقد حثّنَا الشرعُ الحكيمُ على تحرِّي الحلال، وقد تضافرتْ النصوصُ التي تحثُّ على أكلِ الحلال، قالَ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}. (البقرة: 172). وقال: {فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}. (النحل: 114).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ” أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51] وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172] ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟”.(مسلم).

فكلُّنَا يعرفُ الحلالَ والحرامَ؛ لأنَّ الشرعَ الحكيمَ قد بينهُمَا، فعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: “إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ؛ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ؛ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ؛ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ؛ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى؛ أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ؛ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ”. (متفق عليه). فينبغي على الإنسانِ أنْ يتقِي الشبهاتِ براءةً لدينِهِ وعرضهِ؛ وأخذًا بالأحوطِ؛ حتى يسعدَ بالحلالِ في دنياه، وينجُو مِن النيرانِ في أخراه.

ولهذا كان الصحابةُ والصالحون مِن سلفِنَا الصالحِ يتورعونَ عن هذه الشبهاتِ، بل يتورعونَ عن بعضِ الحلالِ خشيةَ أنْ يكونَ حرامًا!! ” فهذا عمرُ رضي اللهُ عنه يقولُ: كُنَّا ندعُ تسعةَ أعشارِ الحلالِ مخافةَ أنْ نقعَ في الحرامِ.. وقال أبو الدرداء: إنَّ مِن تمامِ التقوى أنْ يتقِي العبدُ في مثقالِ ذرةٍ، حتّى يتركَ بعضَ ما يرى أنَّهُ حلالٌ خشيةَ أنْ يكونَ حرامًا، حتى يكونَ حجابًا بينَه وبينَ النار، ولهذا كان لبعضهِم مائةُ درهمٍ على إنسانٍ، فحملَهَا إليه، فأخذَ تسعةً وتسعينَ وتورّعَ عن استيفاءِ الكلِّ خيفةَ الزيادةِ. وكان ما يستوفيهِ يأخذهُ بنقصانِ حبةٍ، وما يعطيهِ يوفيهِ بزيادةِ حبةٍ، ليكونَ ذلك حاجزًا مِن النارِ.”(إحياء علوم الدين).

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة

ثانيًا: صورٌ ونماذجُ مشرقةٌ في تحرِّى أكلِ الحلال

يجبُ عليكُم تحرِّيَ الحلالِ في مأكلِكُم ومشربِكُم وجميعِ شئونِ حياتِكُم، ولتكنْ لكم القدوةُ في سلفِنَا الصالحِ في تحرِّي الحلال، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: ” كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلاَمٌ يُخْرِجُ لَهُ الخَرَاجَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ، فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ الغُلاَمُ: أَتَدْرِي مَا هَذَا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَمَا أُحْسِنُ الكِهَانَةَ، إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ، فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ، فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ، فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ، فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ “. (البخاري) وفي رواية:” لَوْ لَمْ تَخْرُجْ إِلَّا مَعَ نَفْسِي لَأَخْرَجْتُهَا”

وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى عُمَرَ فَنَزَلَ عَلَيْهِ وَكَانَتْ لِعُمَرَ نَاقَةٌ يَحْلِبُهَا فَانْطَلَقَ غُلَامُهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَسَقَاهُ لَبَنًا فَأَنْكَرَهُ، فَقَالَ: «وَيْحَكَ مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ؟» فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ النَّاقَةَ انْفَلَتَ عَلَيْهَا وَلَدُهَا، فَشَرِبَ لَبَنَهَا، فَحَلَبْتُ لَكَ نَاقَةً مِنْ مَالِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَيْحَكَ سَقَيْتَنِي نَارًا ادْعُ لِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَدَعَاهُ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا عَمَدَ إِلَى نَاقَةٍ مِنْ مَالِ اللَّهِ، فَسَقَانِي لَبَنَهَا أَفَتُحِلُّهُ لِي؟ قَالَ: «نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ لَكَ حَلَالٌ وَلَحْمُهَا، وَأَوْشَكَ أَنْ يَجِيءَ مَنْ لَا يَرَى لَنَا فِي هَذَا الْمَالِ حَقٌّ».(الورع لابن أبي الدنيا).

فهذا مثلٌ مِن ورعِ أميرِ المؤمنين عمرَ، حيثُ خشي مِن عذابِ اللهِ جلَّ وعلا لمّا شربَ ذلك اللبنَ مع أنَّه لم يتعمدْ ذلك، ولم تطمئنْ نفسُهُ إلّا بعدَ أنْ استحلَّ ذلك مِن بعضِ كبارِ الصحابةِ الذين يمثلونَ المسلمين في ذلك الأمرِ، بل انظرْ كيف فرَّقَ- بحلاوةِ إيمانهِ ومذاقهِ- بين طعمِ الحلالِ وبينَ ما فيهِ شبهة.

وروي عن علىٍّ بنِ معبدٍ أنَّه قال: كنتُ ساكنًا في بيتِ بكراء، فكتبتُ كتابًا وأردتُ أنْ آخذَ مِن ترابِ الحائطِ لأتربَهُ وأجففَهُ، ثمّ قلتُ: الحائطُ ليسَ لي، فقالتْ لي نفسِي: وما قدرُ ترابٍ مِن الحائطِ، فأخذتُ مِن الترابِ حاجتِي، فلمَّا نمتُ فإذا أنا بشخصٍ واقفٍ يقولُ: يا عليُّ بنُ معبد، سيعلمُ غدًا الذي يقولُ: وما قدرُ ترابٍ مِن حائطٍ!!. (إحياء علوم الدين). انظرْ إلى ذلك وإلى حالِنَا، فكثيرٌ مِن الناسِ يهتمُّ بجمعِ المالِ دونَ النظرِ إلى مصدرهِ أمِن حلالٍ أم حرام؟!! فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: “يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُبَالِي الْمَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ، أَمِنَ الْحَلَالِ أَمْ مِنْ الْحَرَامِ”. ( البخاري ).

فعليكُم تحرِّيَ الحلالِ والبعدَ عن المتشابهِ والحرامِ، واتقوا اللهَ جميعًا في أنفسِكُم وفي أولادِكُم ولا تطعمُوهُم الحرامَ، فإنّهم يصبرونَ على الجوعِ ولا يصبرون على حرِّ النارِ، فكلُّ جسدٍ نبتَ مِن سحتٍ فالنارُ أولَى بهِ، واعلمُوا أنَّ طلبَ الحلالِ وتحريَهُ أمرٌ واجبٌ، فلن تزولَا قدمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يسألَ عن مالهِ مِن أين اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ؟! فعَنْ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “لا تَزُولُ قَدِمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: عَنْ عُمُرُهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عَلِمهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟”. [ الطبراني والبيهقي والترمذي وصححه ] .

أختمُ هذا العنصرَ بهذه القصةِ الجميلة – في تحرِّى الكسبِ الحلالِ -: فقد جاءَ رجلٌ إلى الإمامِ الشافعيِّ يشكُو لهُ ضيقَ حالهِ، وأخبرَهُ أنّهُ يعملُ أجيرًا بخمسمائةِ درهمٍ، وأنَّ أجرَهُ لا يكفيهِ، فما كان مِن الإمامِ الشافعيِّ إلّا أنْ أمرَهُ أنْ يذهبَ إلى صاحبِ العملٍ ويطالبُهُ بإنقاصِ أجرهِ إلى أربعمائةِ درهمٍ بدلًا مِن خمسمائةٍ، وامتثلَ الرجلُ لأمرِ الشافعيِّ رغم أنَّه لم يفهمْ سببَه!! وبعد فترةٍ عادَ الرجلُ إلى الشافعيِّ وقال: لم يتحسنْ وضعِي إنَّما ما زالتْ المشكلةُ قائمةً، فأمرَهُ الشافعيُّ بالعودةِ إلى صاحبِ العملِ وطلبَ إنقاصَ أجرهِ إلى ثلاثمائةِ درهمٍ بدلًا مِن أربعمائة، ذهبَ الرجلُ ونفذَ ما طلبَ منهُ الإمامُ الشافعيُّ مندهشًا!! وبعدَ فترةٍ عادَ الرجلُ إلى الشافعيِّ وشكرَهُ على نصيحتِهِ، وأخبرَهُ أنَّ الثلاثمائةَ درهمٍ أصبحتْ تغطِّي كلَّ حوائجهِ وتفيضُ، بعدهَا سألَهُ عن تفسيرِ هذا الذي حدثَ معه، فأخبرَهُ الإمامُ الشافعيُّ: أنَّه كان مِن البدايةِ يعملُ عملًا لا يستحقُّ عليهِ إلّا ثلاثمائَة درهمٍ، وبالتالي المئتانِ الباقيتانِ لم تكونَا مِن حقِّه، وقد نزعَا البركةَ عن بقيةِ مالهِ عندما اختلطَ به. وأنشدهُ الإمامُ الشافعيُّ قائلًا:

جُمِعَ الحرامُ على الحلالِ ليكثرَه ……. دخلَ الحرامُ على الحلالِ فبعثرَه

فيا مَن همَّكَ التوقيعُ في سجلِّ الحضورِ والانصرافِ!! ويا مَن همَّكَ الدراهمُ والدنانيرُ دونَ النظرِ إلى مصدرِهَا!! ويا مَن تطعمُ أولادَكَ حرامًا!! ويا مَن تحتكرُ الأقواتَ والأرزاقَ، وتستغلُّ حاجةَ الفقراءِ والضعفاءِ مِن أجلِ حفنةٍ مِن المالِ!! ويا مَن تراشِي وتحابِي رئيسَكَ ومديرَكَ مِن أجلِ هروبِكَ مِن العملِ وتقصيرِكَ فيه، أو مِن أجلِ الوصولِ إلى وظيفةٍ أو منصبٍ أو جاهٍ!! اتقوا اللهَ ولا تطعمُوا أولادَكُم وأهليكُم حرامًا.

هذه رسالةٌ أوجهُهَا إلى جميعِ آبائِي وإخوانِي وأحبابِي؛ وكلِّ أفرادِ المجتمعِ، حبًّا لهم وإشفاقًا عليهم مِن عذابِ اللهِ، اللهمَّ إنِّي قد بلغتُ اللهمَّ فاشهدْ يا رب العالمين. 

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة

ثالثًا: وجوبُ تحرِّي الحلالِ في حياتِنَا المعاصرةِ

أيُّها الإخوةُ المؤمنون: عليكُم أنْ تتحرُّوا أكلَ الحلالِ في حياتِكُم العمليةِ واليوميةِ، ولا يحملنَّكُم استبطاءُ الرزقِ على أنْ تطلبُوه بمعصيةِ اللهِ، فقد حذّرَ النبيُّ ﷺ مِن ذلك.

فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ” إِنَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ نَفَثَ فِي رُوعِيَ أَنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَلَا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعَاصِي اللهِ، فَإِنَّهُ لَا يُدْرَكُ مَا عِنْدَ اللهِ إِلَّا بِطَاعَتِهِ”. (الطبراني والبيهقي والحاكم وصححه).

إنَّ تعجلَكَ بجمعِ المالِ عن طريقِ الحرامِ كان سببًا في منعِ الحلالِ مِن الوصولِ إليك، فمَن استعجلَ الرزقَ بالحرامِ مُنِعَ الحلال، وأسوقُ لكم قصةً رائعةً تؤيدُ هذا الكلام: رُوِي عن عليٍّ رضي اللهُ عنه أنَّه دخلَ مسجدَ الكوفةِ فأعطَى غلامًا دابتَهُ حتى يصلِّي، فلما فرغَ مِن صلاتهِ أخرجَ دينارًا ليعطيهِ الغلام، فوجدَهُ قد أخذَ خطامَ الدابةِ وانصرف، فأرسلَ رجلًا ليشترِي له خطامًا بدينارٍ، فاشترى له الخطام، ثم أتَى فلمَّا رآهُ عليٌّ رضي اللهُ عنه، قال سبحانَ الله! إنَّه خطامُ دابتِي، فقالَ الرجلُ: اشتريتُهُ مِن غلامٍ بدينارٍ، فقالَ عليٌّ رضي اللهُ عنه: سبحانَ الله! أردتُ أنْ أعطهِ إياهُ حلالًا، فأبَى إلَّا أنْ يأخذَهُ حرامًا!!

فالسارقُ رزقهُ كان سيأتيهِ عن طريقِ الحلالِ ولكنَّهُ تعجلَهُ بطريقِ الحرامِ!! والمرتشِي رزقهُ كان سيأتيهِ عن طريقِ الحلالِ ولكنَّهُ تعجلَهُ بطريقِ الحرامِ!! والذي حصلَ على وظيفةٍ بالوساطةِ والمحسوبيةِ رزقُهُ كان سيأتيهِ عن طريقِ الحلالِ ولكنَّهُ تعجلَهُ بطريقِ الحرامِ!! وقِس على ذلك كلَّ طرقِ الكسبِ المحرمةِ والمنتشرةِ في المجتمعِ!!

واعلمُوا أنَّ أكلَ الحرامِ سبيلٌ إلى النارِ، فعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «مَنْ نَبَتَ لَحْمُهُ مِنَ السُّحْتِ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ». (الطبراني والبيهقي والحاكم وصححه).

والسحتُ: الحرامُ الذي لا يحلُّ كسبهُ؛ لأنَّهُ يسحتُ البركةَ: أي يذهبُهَا، والسحتُ مِن الإهلاكِ والاستئصالِ. وَعَن خَوْلَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رَضِي اللَّه عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: ” إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ ـ يتصرفون ـ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.”(البخاري). وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ، فَقَدْ أَوْجَبَ اللهُ لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ». ( مسلم ).

وفي مقابل ذلك أنَّ مَن أكلَ حلالًا وجبتْ لهُ الجنةُ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ ﷺ: ” مَنْ أَكَلَ طَيِّبًا وَعَمِلَ فِي سُنَّةٍ وَأَمِنَ النَّاسُ بَوَائِقَهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ”. (الطبراني والترمذي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي) .

لذلك كانت المرأةُ قديمًا توصِي زوجَهَا حينَ خروجهِ مِن بيتهِ قائلةً: يا هذا، اتقِ اللهَ في رزقِنَا ولا تطعمُنَا حرامًا، فإنَّا نصبرُ على الجوعِ ولا نصبرُ على النارِ!!

واعلمُوا أنَّ الشيطانَ يسعَى جاهدًا على وقوعِكُم في الحرامِ، فإنْ وقعتُم فيه، انصرفَ إلى غيرِكُم، يقولُ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ: ” إِذَا تَعَبَّدَ الشَّابُّ يَقُولُ إِبْلِيسُ: انْظُرُوا مِنْ أَيْنَ مَطْعَمُهُ، فَإِنْ كَانَ مَطْعَمُهُ مَطْعَمَ سُوءٍ قَالَ: دَعُوهُ، لَا تَشْتَغِلُوا بِهِ، دَعُوهُ يَجْتَهِدُ، وَيَنْصَبُ، فَقَدْ كَفَاكُمْ نَفْسَهُ “(البيهقي في الشعب).   ألَا فاحرصُوا على الكسبِ الحلالِ لتفوزُوا بالسعادةِ والنجاةِ في الدنيا والآخرةِ، ” يقولُ سهلُ بنٌ عبدِاللهِ: النجاةُ في ثلاثةٍ: أكلِ الحلالِ، وأداءِ الفرائضِ، والاقتداءِ بالنبيِّ ﷺ “. ( تفسير القرطبي).

نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا الرزقَ الحلالَ وأنْ يباركَ لنا فيه، وأنْ يباعدَ بيننَا وبينَ الحرامِ كما باعدَ بينَ المشرقِ والمغربِ، وأنْ يحفظَ مصرَنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ.

الدعاء،،،،       وأقم الصلاة،،،،      كتبه : خادم الدعوة الإسلامية   د / خالد بدير بدوي

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »